"أخرجه"! ليوهم القراء أنَّ هذا الأثر أخطأ فيه البَزَّار، فرفعه! وهذا كذبٌ محضٌ وافتراءٌ، فقد رواه -أيضًا- كالبزار -مرفوعًا-: أبو بكر الشافعي، والضياء المقدسي -وغيرهما- عن أنس، وهو على علم بذلك من كتابي "الصحيحة"(٤٢٧)، فقد نصب نفسه لمعاكستي في تصحيح ما فيه وفي غيره ما وسعه الأمر (حَسَدًا وبغيًا)؛ والعياذ باللَّه -تعالى-!
والأُخرى: إطلاقه الضعف على (شَبِيب بن بِشْر) خطأٌ محضٌ، بل هو جَوْرٌ واعتداءٌ عليه، فإِنَّه مختلَف فيه، وقد وثَّقه ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم:"لَيِّن"؛ كما قال الذهبي في "الكاشف"، فهذا يُشعر بأنَّ الرجل وَسَطٌ، أي: حسن الحديث.
ونحوه قول الحافظ في "التقريب": "صدوق يخطئ".
فالإسنادُ حَسَنٌ، ثم يرتقي إلى الصحة بمتابعة عيسى بن طَهْمان إياه، وهو مخرَّجٌ في "الرَّدِّ" -المشار إليه آنفًا-؛ وهو فيه الحديث الثاني من ستة أحاديث صحيحة في تحريم المعازف التي يستَحِلُّها (الهدَّام)؛ تقليدًا لابن حزم.
وتزداد قوَّتُهُ بحديث عبد الرحمن بن عوف -الذي تكلّمت عليه آنفًا-؛ لأنَّ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، إنَّما ضَعْفُهُ من قبل حفظه؛ فهو صالحٌ للاستشهاد به، واللَّه ولي التوفيق.
٧٩ - "عن عبد الرحمن بن غَنْم، قال: حدّثني أبو عامر -أو أبو مالك- الأشعري -رضي اللَّه عنهما-، أنَّه سمع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "ليكونَنَّ من أمتي قوم يستحلّون الحِرَ والحرير والخمر والمعازِف"؛ هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه البخاري في "صحيحه" محتجًّا به، وعلّقه تعليقًا مجزومًا به، فقال: وقال هشام ابن عمار: حدّثنا صَدَقَةُ بن خالد: حدّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: حدّثنا