وهكذا؛ فهو يكيل بكيلين، ويلعب على الحبلين! والحق أنَّه إسناد حسن عند العلماء، وقال الحافظ -في هذا- (١/ ٤٣٣): "إسناده جيد".
وفي قوله:". . . ولم يرها من بابة الصحيحِ البخاريُّ و. . . " تضليلٌ مقصودٌ؛ وذلك لأنَّ من الثابت في علم المصطلح أنَّ هناك مرتبة دون (الصحيح) وفوق (الضعيف) وهي مرتبة الحسن، -كما تقدم بيانه غير مرة-، و (الهدَّام) نفسه يطلقه أحيانًا على بعض الأسانيد والأحاديث، ومن ذلك موافقته للترمذي المذكورة.
وأشدّ ما في قوله المتقدم من التضليل: ما يتعلّق بالبخاري، فإِنَّه يُكثر من استعمال هذه المرتبة، وأشاعها التِّرمذي في "سننه"، وكثيرًا ما ينقل عنه تحسينه لبعض الأحاديث؛ كحديث (حَمْنَةَ) -مثلًا-.
وقد رددتُ عليه -مفصلًا-، وبيَّنتُ ما في قوله المذكور من غِشٍّ وكتمان للحقائق في تخريج هذا الحديث في "الصحيحة"(٢٩٨٠)؛ فلا داعي للإطالة.
٤٠ - "وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الإثم ما حاك في صدرك":
قال (الهدَّام)(١/ ١٨٣): "أخرجه مسلم (٢٥٥٣) من حديث النَّوَّاس ابن سمعان".
قلت: وهو حديثٌ صحيحٌ عندنا بلا ريب، وأما عند (الهدَّام) فكان ينبغي عليه أن يشدَّ من عضده، لأنَّه من رواية معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير، عن أبيه، عنه، فإِنَّ معاوية هذا مع احتجاج مسلم به، فإنَّ (الهدَّام) في كثير من الأحيان يطعن فيه، ويضع فيه ضعفًا! موهمًا القراء أنَّ حديثَه ضعيفٌ! فقد قال في حديثه في (المعازف): "له غرائب" -كما سيأتي تحت الحديث (٧٩) -، وقال في حديث آخر له -صحّحه