للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زهده في أحاديث الأحكام، وعدم عنايته بها، ومن ذلك تَخْريجُهُ للحديث الآتي:

٦٢ - "قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنتم الغُرُّ المحجّلون يوم القيامة من أثر الوضوء"؛ فمن استطاع منكم؛ فلْيُطلْ غُرَّته وتحجيله، متّفق عليه":

قال المعلِّق (١/ ٤٦٤): "أخرجه البخاري (١٣٦)، ومسلم (٢٤٦) من حديث أبي هريرة".

فأقول: هذا التّخريج منَ (الهدَّام) ممّا يؤكّد -لي- أنّ تضعيفاتِه الكثيرةَ للأحاديثِ الصّحيحة؛ ليست عن قناعة منه أدّاه إليها علمهُ -لو كان عنده علمٌ-! وإنّما هي منه مشاكسةٌ ومعاندةٌ لأئمة الحديث؛ أقول هذا لأن هذا الحديث قد أعَلَّ الحفّاظُ منه جملةَ: "فمن استطاع منكم فلْيُطل غُرّته وتحجيله"؛ أعلّوها بالإدراج، وأنّه من قول أبي هريرة، ومنهم الحافظ المنذري، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن قيم الجوزية، وابن حجر العسقلاني، وذكر هذا -رحمه اللَّه- أنَّه لم يَرَ هذه الجملة في رواية أحدٍ مِمَّن روى هذا الحديث من الصحابة -وهم عشرة-، ولا ممَّن رواه عن أبي هريرة غير رواية نُعيم المُجْمِرِ -الراوي لهذه الزيادة عن أبي هريرة-؛ وهذا معناه -على ما تقتضيه القواعد الحديثيّة- أنَّ هذه الجملة شاذّة غيرُ صحيحةٍ -مرفوعًا-، وإنّما هي من قول أبي هريرة، ويشهد لذلك أنَّ نُعيمًا -هذا- شكّ -في روايةٍ لأحمد- في رفعها، فقال: "لا أدري قوله: "من استطاع. . . " من قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو من قول أبي هريرة! ".

قلت: فأعرض (الهدَّام المشاكس) عن تحقيق هؤلاء الحفاظ وتجاهَلَهُ! ولولا ذلك لبادر هو إلى إعلاله بهذا الشك الذي لا ينهض وحدَه بالإعلال إلّا عند مثله من الهَدَّامين، ولذلك جعلته شاهدًا؛ وإنما العلة القادحة الشذوذُ

<<  <   >  >>