للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على هذا المنطق السخيف جرى في تضعيفه الأحاديث الصحيحة بمجموع الطرق! ! فلا جرَمَ أنَّه خالفَ بذلك اتفاقَ العلماءِ -كما تقدّم التنبيه عليه مرارًا وتكرارًا! -.

١٤٤ - "قال -تعالى-: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي ولا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: ٤٩]:

نزلت في الجُدّ بن قيس لمّا غزا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تبوك، قال له: "هل لك يا جُدُّ في بلاد (١) بني الأصفر؛ تتخذ منهم السَّرَاري والوُصفاء؟ فقال جُدٌّ: ائذن لي في القُعود عنك، فقد عرَفَ قومي أني مُغْرَمٌ بالنساء، وإني أخشى إنْ رأيتُ بنات بني الأصفرِ أن لا أصبرَ عنهنّ! فأنزل اللَّه هذه الآية".

ضعّفه (الهدَّام) (٢/ ١٩٥)، وعزاه للطبراني من حديث ابن عباس من طريقين ضعيفين؛ فأوهم أمرين اثنين:

أحدهما: أنَّ الحديثَ عند الطبراني بهذا التمام الذي في الكتاب، والواقعُ أنَّه مختصرٌ عنه، وبخاصَّةٍ الطريق الثاني منها، انظر "المجمع" (٧/ ٣٠)، وإنَّما رواه بتمامه الواحديُّ في "أسباب النزول" (ص ١٨٥) معلَّقًا، وكذا في "الوسيط" (٢/ ٥٠٢)، ووقع فيه: (جهاد)، مكان: (بلاد)! وفي الذي قبله: (جلاد)؛ وهو الصواب الموافق لرواية "سيرة ابن هشام" (٤/ ١٧٠)، ولحديث جابرٍ الآتي.

والآخر: أنَّه ليس له شاهدٌ يقوّيه، والواقعُ خلافُه، فإنَّ له شاهدًا من حديث جابر في "تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ٥١/ ١)، وآخر من مرسل مجاهد بسندٍ صحيح عنه؛ عند ابن جَرير الطبري، وهما مُخَرّجان في "الصحيحة"


(١) كذا في مطبوعة (الهدَّام)! ومثلُهُ في الطبعة الأولى التي قلّدها (الهدَّام) ولا يخرج عنها إلّا نادرًا! ! وذلك من تمام تحقيقهِ المزعوم (! ) والصواب (جلاد)؛ كما بينت أعلاه.

<<  <   >  >>