٧٧ - "روى التِّرمذي من حديث ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن جابر -رضي اللَّه عنه-؛ قال: خرج رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مع عبد الرحمن بن عوف إلى النَّخْل، فإِذا ابنهُ إبراهيمُ يجود بنفسه. . . " الحديث، وفيه بكاؤه -صلى اللَّه عليه وسلم- على ابنه، وقوله:"هو رحمةٌ. . . وإنّا بك لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب"، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لعبد الرحمن:
"إنَّما نَهَيْتُ عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نِعمة؛ لهو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة. . . " الحديث؛ قال التِّرمذي: حديث حسن".
قال (الهدَّام)(١/ ٣٦٢): "أخرجه بطوله الحاكم (٤/ ٤٠)، والطحاوي (٤/ ٢٩٣) من "المعاني"، وأخرجه التِّرمذي (١٠٠٥) دون آخره: "وهذا هو رحمة. . . "؛ وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ وهو ضعيف".
قلت: فيه -أوّلًا-: أنَّ هذا التخريج والتضعيف من الأدِلّة الكثيرة الدّالة على هدمه -المشار إليه آنفًا-؛ فإنَّ قصة وفاة إبراهيم -عليه السلام- وبكائه -صلى اللَّه عليه وسلم- عليه، وما قاله فيه؛ ثابتٌ في "الصحيحين" من حديث أنس بنحوه، وهو مخرَّج في "أحكام الجنائز" (ص ٣٢)؛ فلِمَ كتمه؟ ! أم أنه جاهلٌ به؟ ! أحلاهما مُرٌّ!
ثانيًا: لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّما نَهَيْتُ عن صوتين. . . " إلخ؛ شاهدٌ قويٌّ من حديث أنس -أيضًا-؛ يأتي الكلام عليه بعد هذا.
من أجل هذا -والذي قبله- قال التِّرمذي: "حديث حسن"؛ أي: لغيره؛ كما هو معروفٌ من اصطلاحه الذي بيَّنه في آخر "سننه"؛ ففيه إشارة منه -أعني التِّرمذي- إلى أنّ في السند ضعفًا، فكَشْفُ (الهدَّام) عن سبب الضعف -فقط-، دون بيان سبب التحسين: هو من خياناتهِ العلميّة التي لا تنتهي! والسبب واضحٌ جدًا: الهدم، ثم الهدم!