للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العلّتان، وهو عنده في مكان آخر برقم (٣٠٣٩)؛ ليس فيه علّةُ التدليس! أخرجه من طريق زهير: حدثنا أبو إسحاق، قال: سمعت البراء، فصرّح أبو إسحاق في هذه الرواية بالسماع، وهذه فائدةٌ هامّةٌ، ما كان ينبغي للهدَّام أن يُعرض عن الإشارة إلى مصدرها؛ لما ذكرت آنفًا -لولا جهلُهُ! -، وبذلك زالت العلّة الأولى.

والآخر أنَّه بقيت العلّة الأخرى: (الاختلاط)، وقد جهدت للوقوف على ما يُزيلها، كمثل رواية سفيان وشُعبة ونحوهما، ممن روى عنه قبل الاختلاط، فلم أُوَفّق إلى الآن، ولذلك فإِنّي لما كنتُ خرّجت الحديث في "تخريج فقه السيرة" (ص ٢٥١ و ٢٦٠ - دار القلم)، ثم في "صحيح أبي داود" (٢٣٩٠)؛ قوَّيت الحديثَ ببعض الشواهد، من حديثِ ابن عَبَّاس صحَّحه الحاكم، والذهبي، وسكت عنه الحافظ في "الفتح"، ومن حديثِ ابن مسعود، ورجاله ثقات.

فكان على (الهدَّام) أن يَشُدَّ من عَضُدِ هذا الحديث بمثل هذه الشواهد! لو كان يهمُّهُ التصحيح!

١٥٠ - "قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن قال له: ما شاء اللَّه وشئتَ-: "أَجَعَلْتني للَّه نِدًّا؟ ! ": جزم به المؤلِّفُ، وهو الصوابُ.

وعاكسه (الهدَّام) فضعّفه، وعزاه لجمعٍ؛ منهم البخاري في "الأدب المفرد" (٧٨٧)، ثم قال: "والأجلحُ فيه ضعفٌ، وعنده مناكير".

كذا قال! وهو شاهدٌ قويٌّ على تعنُّتهِ ومعارضتهِ للأئمة بالباطل، فقد ذكرتُ أكثرَ من مرَّة أن كون الراوي: "فيه ضعفٌ" لا يجعل حديثه ضعيفًا، وإنَّما هو حَسَنٌ على الأقل، وهو ما كنتُ حكمتُ به فى "الصحيحة" (١/ ٥٦ - ٥٧ - الطبعة الأولى)، فعاكسني -كعادته- بقوله هذا، وهو حُجَّةٌ عليه؛ وإلّا فما الفرقُ عنده بين الصحيح والحسن؟ !

<<  <   >  >>