والآخر: أن لا يكون (الهدَّام) يخرّج الأحاديث وهي في محالِّها من الكتاب، وإنَّما تُقَدَّمُ إليه من بعض الجهلة في أوراقٍ بِيضٍ ليسوِّدها هو بتخريجها! ثم تُقَدَّم إلى المطبعة، فهو لا يدري الأحاديث التي يُراد تخريجها إلّا بواسطة مَن يُقَدِّمُها إليه! !
وممّا يؤيدِّ هذا؛ وقوعُ بعض التعليقات في غير مكانها؛ كما سيأتي التنبيه عليه عند تعليقي على إشارة (الهدَّام) إلى حديث الأعمى رقم (٧٣).
وأيًّا كان السببُ؛ فهو به يخرُج من زمرة الكتاب المحقّقين والمخرِّجين، وَيَصُفُّ في مصافِّ تجار الكتب، الذين لا هَمَّ لهم من طبعها إلّا الكسب الماديُّ؛ وهي ظاهرَةٌ خطيرةٌ جدًّا، قد لا ينجو منها إلّا القليل من المؤلِّفين والناشرين؛ واللَّه المستعان.
٦٤ - "قال البخاري: حدثنا. . . عن ابن جُريج، قال: قال عطاء، عن ابن عبّاس: صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد. . . "؛ وفيه قِصَّة (وُدّ) و (سُواع) و (يغوث) و (يعوق) و (نَسْر)، وأنهم كانوا رجالًا صالحين؛ فأوحى الشيطان إلى قومهم أن انصِبوا لهم أصنامًا، فعبدوهم:
قال (الهدَّام)(١/ ٢٦٨):
"أخرجه البخاري (٤٩٢٠)؛ وإسناده ضعيف، يقولون: عطاء هذا هو الخراساني، والأدلّة تؤيد هذا، وهذا الحديث مما أوخذ البخاري -رحمه اللَّه- إخراجه في "صحيحه"؛ انظر "الفتح"(٨/ ٦٦٧ - ٦٦٨)".
قلت: وفي إحالته على "الفتح" تدليسٌ خبيثٌ من ناحيتين: