الحديث شيخان: أبو الأحوص وأبو عبيدة، وأنَّه من طريق الأوّل صحيح متصل، فليس الحديث مضطربًا -كما زعم (الهدَّام) -؛ فلا غرابة -إذن- في تَتَابُعِ العلماء -قديمًا وحديثًا- على تصحيحه، وما علمت أحدًا له مشاركةٌ في هذا العلم ضَعَّفه؛ إلاّ هذا الفَسْل! وما أحسن ما قيل:
وابْنُ اللَّبونِ إذا ما لُزَّفي قَرَنٍ ... لم يستطعْ صولةَ البُزْلِ القَنَاعيسِ
هذا، وللإمام أبي جعفر الطّحاوي الفضلُ الأوّلُ في إحيائه لهذه الخطبة في افتتاحية كتابه "مشكل الآثار"، ثم جرى على سَنِنه -وكان له فضل إشاعته في كتبه- شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، ثم وفَّقني -تعالى-، فعملت بها في دروسي ومؤلَّفاتي، وأشعتُها في العالم الإسلامي بواسطة رسالتي المؤلَّفة فيها، واستجاب لها الكثيرون -والحمد لله- من مُحبي السنة، وبخاصة الخطباء؛ حيث كانت مُهْمَلَةً من قبل، ثم جاء هذا (الهدَّام) يريد تضعيفها، فأخزاه الله -تعالى -.
ولا يفوتُني التنبيهُ على أنَّ لفظ (نستهديه) -في سياق ابن القيم- زيادةٌ لا أصل لها في شيء من طرق الحديث؛ كما أنه سقط منه كلمةُ "نحمده".
وهذا من الأدلة الكثيرة على أنَّ (الهدَّام) في تخريجه إياه لا يهمُّه التحقيق، وأنَّه إنَّما اتخذه وسيلة للتضعيف والشذوذ والمخالفة لسبيل المؤمنين! وانظر الحديث الآتي.
وهذه الزيادة - "نستهديه" - أسمعها كثيرًا من بعض الخطباء المرموقين في بعض البلاد العربية، ولذلك لزم التنبيهُ عليها، لأنَّ الأذكار والأوراد تَوْقيفيّةٌ -كما هو معلومٌ مِن السُّنَّة عند أهل السُّنَّة-.
٢٠ - ومن الأدلة على ما ذكرت آنفًا - من عدم اهتمامه بالتحقيق، وإنما