للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٤٣ - "قد قال -صلى اللَّه عليه وسلم- "شارب الخمر -أو قال: مُدمن الخمر- كعابد وَثَن":

جزم المصنفُ -رحمه اللَّه- بنسبته إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأصابَ.

وعارضه (الهدَّام) مستهلًّا تخريجه إيّاه بقوله (٢/ ١٨٧): "حديثٌ ضعيفٌ، لم أجد له طريقًا صحيحًا"! !

قلت: هذا النفيُ -وحدَه-؛ ممّا يدلُّ على جهلِه، وانحرافِه عن {سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}؛ وذلك لأنّه ليس من الضروري -عندهم- أن يكون للحديث الصّحيح طريقٌ صحيحٌ، فقد يكون الطريق حسنًا لذاته، فيصيرُ الحديث صحيحًا لغيره -بطريقٍ آخرَ أو بطرقٍ أُخَر-، وقد يكون ضعيفًا، فيصير حسنًا، أو صحيحًا لغيره؛ بحسْب طرقهِ؛ قلّةً، وكثرةً، وهذا الحديثُ -بالذّات، وإن أطال النّفَس (! ) في تخريج طرقه وتضعيفها (٢/ ١٨٧ - ١٨٨) - فهو ممّا يتقوّى بالطرق، ويصير بها -على الأقلّ- حَسَنًا كما كنتُ انتهيتُ إليه حين خرَّجته في المجلد الثاني من "الصحيحة" (٦٧٧)، ولذلك عاكسني (الهدَّام).

-كعادته- كما عاكس المؤلّف الذي جزم به -لطرقه-؛ فإِنَّ مثلَه لا يخفى عليه أنَّ في إسناد أحمد مجهولًا لم يُسَمَّ، ولم يَخْفَ ذلك على (الهدَّام)!

لكنّ هذا (الهَدَّام) -لجهلهِ وضيقِ عَطَنهِ- لا ينظر إلى مجموع الطرق؛ وإنَّما إلى مُفرداتِها، كالقاضي الجاهل ينظر إلى أنَّ شهادة المرأة على النصف، والآخرى كذلك! ومع ذلك فهو لا يقبل شادتَهما معًا، فكأنَّ لسانَ حالهِ يقول: (نصف"زائد" نصف = نصف)! وكذلك لأمر عند (الهدَّام):

(طريق "زائد" طريق = طريق)! بل طريق واحدة "زائد" خمسة طرق يساوي عنده في الحكم طريقًا واحدًا!

<<  <   >  >>