بالتضعيف- أنَّ ابن القيِّم -رحمه الله- ساق حديث عِمران بن حُصين، عَقِبَ الحديث السابق شاهدًا له في الاستعاذة من شرِّ النفس، وفيه أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبيه حُصَين:
"قل: اللهم ألهمني رشدي، وقني شَرَّ نفسي".
فقال (الهدَّام)(١/ ١٠٧) بعد أن خَرَّجه وضَعَّفهْ
"ورُوي بإسنادٍ جيد بغير هذا اللفظ! انظر ابن حبان ("الإحسان") (٨٩٩) ".
قلت: فقوله: "بغير هذا اللفظ" غير صحيح على إطلاقه، فإنَّ الشاهد موجودٌ فيه، وهو قوله -صلى الله عليه وسلم-: "اللهمَّ قِني شرَّ نفسي"، أليس كان من الواجب على (الهدَّام) أن يبوح بهذا الشاهد ولا يكتمَه، بدل الإحالة على غائبٍ بالنسبة لأكثر القُرّاء؟ ! بلى؛ بل إنّ ذلك -منه - لو فَعَلَهُ- يتنافى مع النَّصيحةِ الواجبة على كل مسلم لكل مسلم، والتي أخلَّ بها -جدًّا- هذا (الهدَّام) في خُطَّتِه الرامية إلى تضعيف الأحاديث الصحيحة، وكتمان ما يَصحُّ منها عنده كحديث ابن حبّان هذا، وهو مخَرَّج في "المشكاة"(٢٤٧٦/ التحقيق الثاني).
٢١ - قال ابن القيِّم -رحمه الله-: "كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما أنفسُنا بيد الله":
قلت: هذا وهمٌ من أوهام العلماء؛ اشتبه على المؤلف حديثٌ موقوفٌ بمرفوعٍ! فإِنَّه من قول علي -رضي الله - عنه في قصة طَرْقِهِ -صلى الله عليه وسلم- إيّاه وفاطمة -رضي الله عنهما -، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لهما: "ألا تصلُّون؟ "؛ وهو في "الصحيحين"، فانظر "صحيح الأدب المفرد" (٧٣١/ ٩٥٥).
ولجهل (الهدَّام) بالسنة وبما في "الصحيحين" من الأحاديث، انطلى عليه هذا الوَهَمُ، ولم يدرِ ما يقول فيه، لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، فأبعد