الأولى: أنَّ الحافظَ لم يقُل: "أُوخِذ"! وإنَّما قال: "وهذا مما استُعظم على البخاري"!
والأُخرى -وهي الأهَمُّ-: أنَّه أوهم القراء أنَّ الحافظ سَلّم بالمؤاخذة المزعومة! وكلامُهُ صريحٌ في ردِّه؛ فإنَّه قال:
"لكنّ الذي قَوِيَ عندي؛ أنَّ هذا الحديثَ بخصوصهِ عند ابن جريج: عن عطاء الخراساني، وعن عطاء بن أبي رباح جميعًا. . . " إلخ؛ إلّا أنَّه لم يذكر دليلًا على التقوية المذكورة، إلّا حُسْنَ الظن بالإمام البخاري. . .
والمقصود: أنَّ (الهدَّام) لا يُوْثَقُ بنقله وادِّعاءاتِهِ؛ لكثرة تدليساته ومعاكساته، ومن ذلك قوله:"والأدِلّة تؤيد هذا"؛ فيا لِلْعَجَبِ من عُجْبِه وغروره! يُريد من القراء أن يسلِّموا بتضعيفهِ لما صحَّحه البخاري، دون أن يُقَدِّم على التضعيف دليلًا، ولا يريد منهم أن يسلِّموا لتصحيح البخاري! وهو -يقينًا- الأرجحُ، لأنَّ لهذا الأثر طرقًا أخرى عن ابن عباس، وأخرى عن عكرمة؛ وهو من تلامذته؛ أخرجها ابن جرير الطبري في "تفسيره"(٢٩/ ٦٢)، إلى غير ذلك من الآثار الكثيرة في "تفسير ابن كثير"، و"الدُّر المنثور"؛ مما يُشعر من وقف عليها أنَّ ذلك كان مشهورًا عند السلف، وقد ذكرتُ بعضها في كتابي "تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد"(١٥٢ - ١٥٣).
٦٥ - "وعن زيد بن ثابت، أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لعن اللَّه اليهود! اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، رواه الإمام أحمد":
قال (الهدَّام)(١/ ٢٧٢): ". . . وفيه عُقبة بن عبد الرحمن، وفيه جهالةٌ"!
قلت: نعم؛ فكان ماذا؟ ! هل غايتُك من تحقيقك المزعوم للكتاب إنّما