فهذه متابعةٌ قويةٌ من زهير -وهو ابن معاوية، أبو خيثمة الكوفي- صرّح فيها بسماع أبي إسحاق من البراء، أزالت علّةَ التدليس؛ والحمد للَّه.
ثانيًا: لو توسَّع قليلًا في التخريج، وأطال نفَسَه فيه -ولا كإطالته في التضعيف! ! - لوجد تصريح إسرائيل نفْسِه بتحديث جده؛ في رواية أبي عَوانة في "صحيحه" عنه (٤/ ٣٠٦).
ثالثًا: بقيت عِلّةُ الاختلاط، وعهدي بـ (الهدَّام) أنّه كثيرًا ما يُضعِّف الأحاديثَ الصحيحةَ بمثل هذه العلّة! ! وسيأتي على ذلك بعضُ الأمثلة.
ولذلك؛ فإنّي أخشى (! ) أن يكون كتمها لغايةٍ في نفْسه؛ قد يُبديها عند الحاجة! ! وإلّا لدفعها -كما تقتضيه الأمانةُ العلميةُ- بطريقةٍ أو بأُخرى! !
وأنا -شخصيًّا- كنت دفعتها بشاهدٍ قويٍّ من حديث عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما-؛ كنت خرَّجته في "تخريج فقه السيرة"(٢٥٠ و ٢٥١/ القلم)، ولذلك أوردته في "صحيح أبي داود"(٢٣٩٠)، وقد أخرجه مسلسلًا من طريق زهير بالتحديث، وخرّجت له -فيه- شاهدًا آخرَ من حديث عبد اللَّه ابن مسعود.
وأمّا قول الحافظ في "مقدّمة فتح الباري" في ترجمة أبي أسحاق السَّبِيعي (٤٣١):
"ولم أرَ في "البخاري" من الرواية عنه إلّا عن القدماء من أصحابه؛ كالثوريّ وشعبةَ، لا عَنِ المتأخرين؛ كابن عيينة وغيرِه".
فهذا من عجائبه -رحمه اللَّه-! فإنّه الحافظ بحقّ-؛ فهذا الحديث -برواية إسرائيلَ وزهير- يردّه، وهناك أحاديث أُخرى لهما؛ قد كنت نبهّت على ذلك في بعض المواضع، فجلَّ اللَّه؛ {لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}.