قال (الهدَّام)(١/ ٢٣٠): "انظر "مسند أحمد" (٣/ ١٨٠ و ٢٣٨) "!
قلت: وهذا مع كونهِ إحالة وليس تخريجًا؛ فهو خَطَأٌ مخالف لما عليه، العلماء، وأنَّه لا يجوز العزو لغير "الصحيحَيْن" أو أحدهما، إذا كان الحديث فيهما أو في أحدهما، لأنَّ ذلك لا يُفيد صِحَّةً؛ بخلاف العكس، وهذا إنْ دَلَّ على شيء -كما يقولون اليوم-؛ فإنَّما يدلُّ على جهل (الهدَّام) بكتب السنّة وأحاديثها، إلّا بمقدار ما تساعده الفهارس الموضوعة قديمًا وحديثًا للدلالة على موضع الأحاديث فيها، وتسهيل الوقوف عليها؛ وهذا إن كان يُحْسِنُ استعمالها، أو ينشط للاستفادة منها!
أقول هذا للأسباب التالية:
أولًا ليس في الموضعين المشار إليها من "المسند" لفظ: (يهودي)! ففي الإحالة عليهما، كذبٌ واضحٌ، لكن (الهدَّام) لا يباليه؛ لأنَّه شيءٌ اعتاد عليه! !
ثانيًا: الحديث في موضعين آخرين من "المسند"(٣/ ٢١٠ - ٢١١ و ٢٧٠) من طريق أَبَان: ثنا قتادة، عن أنس: أن يهوديًّا دعا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى خُبزِ شعيرٍ وإهالةٍ سَنِخَةٍ، فأجابه.
ثالثًا: هو في موضعين من "صحيح البخاري"(٢٠٦٩، ٢٥٠٨) من طريق أخرى عن قتادة. . . به نحوه؛ دون لفظ اليهودي -وهو مخرّج في "الإرواء"(٥/ ٢٣١)، و"مختصر الشمائل"(١٧٧/ ٢٨٧) -.
رابعًا: كان من الضروري عَزْوُهُ للبخاري لتقوية إسناد أحمد، لأنَّه لا يلتزم الصحة، وبخاصة أن فيه عنعنة قتادة -كما رأيتَ-؛ فإنَّ من المعروف عن (الهدَّام) أنَّه يُعَلِّلُ السند الصحيح بها -كما فعل بالحديث المتقدم (٣٦) -، ولعلّه تعمّد ترك عزوه إليه -إن كان مستحضرًا لروايته-؛ كي لا يزدادَ فضيحةً