كونه خَرَّجه من طريقين عن زيد بن أسلم مُرْسلًا، ومن طريق مالك، عنه، عن عطاء بن يسار مرسلًا، فهو مرسلٌ صحيحٌ؛ فإنَّه مع ذلك خرّج له شاهدًا موصولًا من رواية سفيان بن عيينة، عن حمزة بن المغيرة الكوفي، عن سُهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة -مرفوعًا-، وعزاه لجمعٍ منهم ابن عبد البر (٥/ ٤٤)؛ ولكنّه أعلّه بما يكشف عما تُكِنّه نفسُه من العداوة الشديدة للسنة الصحيحة؛ فقال:
"قلت: وهذا إسنادٌ غريبٌ، في قلبي منه شيء (! )، تفَرَّد به حمزة؛ وليس بالمشهور"!
قلت: هكذا قال المأفون! خلافًا لمن وثقّه من الأئمة -كما يأتي-، وقد روى عنه جَمْعٌ من الثقات، مثل أبي أسامة، وهاشم بن القاسم، وسفيان بن عيينة -راويه هنا وهو أعرفُ الناس به-، فقد وصفه بأنَّه كان من سَراة الموالي، أي: من أشرافهم وذوي المروءة منهم.
وقد قال الدّارمي في "تاريخه عن ابن معين"(٩٨ - ٩٩): "وسألته عن (حمزة بن المغيرة الكوفي) الذي يروي عنه ابن عيينة: "لا تجعلوا قبري وثنًا" ما حاله؟ فقال: ليس به بأس".
وروى مثلَه ابنُ أبي حاتم (٣/ ٢١٤ - ٢١٥/ ٩٤٢) عن الدّارمي.
وذكره ابن حبان في "الثقات"(٦/ ٢٢٩)، (٨/ ٢٠٩).
وقال الحافظ:"لا بأس به".
ثم قال الأفين:"ولم يُصرِّح بسماعه من سهيل"!
قلت: هذا ليس بشرطٍ إلّا في رواية المدلّسين، وحمزةُ ليس منهم؛ وهذا مثالٌ من الأمثلة الكثيرة التي تؤكِّد أنَّه منطلقٌ في إعلال الأحاديث من آراء له