الأوّل: تخريجه المذكور، فإِنَّه عزا الحديث للخمسة، وقال:"وفي إسناده نظر"؛ فأوهم أنَّه عندهم بإسنادٍ واحد، وهو كذبٌ -لغةً وشرعًا-، فإِنَّه عند بعضهم بإسنادٍ آخر؛ فأخرجه التِّرمذي من طريق محمد بن ربيعةَ، والحاكم عن حفص بن غِيَاث، وأبي معاوية، وابن حِبّان أيضًا (٣١٥٤)، والطّحاوي في "شرح المعاني"(١/ ٢٩٦) كلاهما عن أبي معاوية محمد بن خازم، ثلاثتهم، عن ابن جُريج، عن أبي الزبير، عن جابر.
وقال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي.
فهذا هو الإسناد الأوّل.
والإسناد الآخر عند الثلاثة الآخرين -أبي داود، والنسائي، وابن ماجه-؛ من طريق ابن جُرَيج، عن سُلَيْمان بن موسى، عن جابر، وكذلك رواه ابن حِبّان، وليس عند ابن ماجه إلا جملة الكتابة -فقط-.
فلْيتأمل القراء كم في تخريج (الهدَّام) من خَبْطِ وخلطٍ وزُورٍ؟ !
هذا؛ وقد كنت صحّحت في "الإرواء"(٣/ ٢٠٨) هذا الإسنادَ الثاني، ثم بدا لي أنَّ فيه انقطاعًا بين سليمان بن موسى وجابر.
و(سليمان) -هذا- ليس في شيوخه أبو الزبير؛ فالغالب أنَّه تلقّاه من غيره، فيصلُحُ الاستشهادُ به، وإلّا فهو متابعٌ قويٌّ لابن جريج.
وأصلُ الحديثِ عند مسلم وغيره من طُرُقٍ عن ابن جُريج: أخبرني أبو الزبير، أنَّه سمع جابر بن عبد اللَّه. . . به.
ومن الملاحظ على (الهدَّام) -هنا- ما يُلاحَظ على الكثير من تخريجاته؛ وهو إخلالُهُ بالأمانة العلمية، فقد كتم تصحيحَ التِّرمذي والحاكم والذهبي إياه، وكذا تصحيحَ ابن حبان، وكذا قول التِّرمذي: "وقد رُوي من غير