للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المصرِّحة -أيضًا- بلفظ (المعازف) هي من رواية الإسماعيلي في "صحيحه" التي احتجَّ بها ابن القيِّم (ص ٣٧١)؛ فتجاهلها (الهدَّام)، وحملها -تضليلًا للقراء- على رواية أبي داود المختصرة -التي ليس فيها اللفظ المذكور-؛ قلبًا للحقائق الذي هو صناعتُهُ ورأسُ مالهِ! ومعاكسةً منه للحفّاظ الذين أثبتوها وصحَّحوها، ليظهر هو بمظهر المحقِّق المتفوِّق عليهم! متغافلًا عن قوله -تعالى-: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}؛ فقد ذكر الحافظ في "الفتح" (١٠/ ٥٤) رواية أبي داود المختصرة، ثم أتبعها بقوله:

"ساق الإسماعيليُّ الحديثَ من هذا الوجه عن (بِشْر بن بكر) بهذا الإسناد؛ فقال: "يستحلُّون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف. . . " الحديث".

فهل بعد هذه الحقائق والبراهين المثبتة لهذه اللفظة يتراجَعُ (الهدَّام) عن نفيه لها، ويتوب إلى اللَّه، ويتّبع {سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} في تصحيح الحديث؟ !

ذلك ما نرجو، لكنَّ تمام كلامه لا يُبَشّر بخير، فقد استمرَّ في المعاندة والمكابرة، وادَّعاء التحقيق الذي لا يَعرفُ إلّا اسمه! فقال -وكأنَّه يعترف بلسان الحال أن نفيه المذكور (تجاهلُ عارفٍ! ) -:

"أما أنا (! ) فأرى أنَّ عِلّته عطية بن قيس الحمصي؛ فإنَّه ليس معروفًا بالضبط والإتقان، ولم يُوَثِّقْهُ غير ابن حبان، وليس قول أبي حاتم: "صالح الحديث" بتوثيقٍ؛ وقد فسَّرها ابنه في "مقدّمة الجرح" (٢/ ٣٧) فقال: "وإِذا قيل: صالح الحديث، فإنَّه يكتب حديثه للاعتبار، وَجَعَلَها أدنى من مرتبة: شيخ".

قلت: هذا لا يعني أنَّه لا يُحْتَجُّ بحديثه؛ ولو بمرتبة الحسن؛ بل العكسُ هو الصوابُ، وخير ما يفسَّر به كلام الحافظ إنَّما هو كلامُهُ نفسُهُ، فقد قال أبو

<<  <   >  >>