حديث تابعيٍّ عن صحابي بحجَّةِ أنَّه أدركه ولم يَلْقَهُ، ولذلك لم يُصَحِّحْهُ، فكان هذا منبِّهاً قويّاً على أنَّ إعلاله - هو وأمثاله - لبعض الأحاديثِ لعدم اللقاء؛ إنَّما هو لنفي الصِّحَّةِ، لا الحُسْنِ، فثبت بذلك عندي أن (اللقاء) شرط كمال، في بحثٍ أودعتُهُ في "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(٦٥٤٦).
ولهذا؛ فإِني أسأل (الهدَّام): لِمَ تَبنَّيْتَ شرط (اللقاء) كشرط أساس تُضَعِّفُ به الأحاديث؛ لجهلك بتحقُّقِه فيها؟ !
فإِن قال: لأنَّه أحوط وأقوى!
قلنا: هذا قد يُسَلَّم، ولكن ذلك لا ينفي قوَّة شرط (المعاصرة) - كما تقدّم بيانه من نصوص الحفّاظ - هذا أوّلاً -.
وثانياً: يلزمك أن تتبَنّى - أيضاً - الشرطين الآخرين:(السماع) و (طول الصحبة)، فإِنَّهما - بلا شك - "أحوط وأقوى"! !
أما نحن: فنلتزم هذه الشروط كُلَّها، مع التفريق بين ما هو شرط صِحَّةٍ - وهو (المعاصرة) -، وما سواه - وهو شرطُ كمالٍ -، ممّا قد تفيد ملاحظتها عند التعارض والترجيح.
ومن حُجَّتنا على هذا (الهدَّام) أمران هامّان جداً:
أحدهما: أن من المتفق عليه بين علماء المسلمين كافّةً لثبوت الحديث
- شرطيّة (المعاصرة وإمكان اللقاء) مع السلامة من التدليس - كما تقدم -؛ فمن
زاد على هذا شرطاً آخر؛ قيل له:{هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
و(الهدَّام) حين تبنّى شرط اللقاء، وضعّف به حديث:"عليكم بسنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين" - الذي اتَّفق العلماء قاطبةً على صحَّته، مع تعدُّد طرقه - ضعَّفها هو كُلّها بأساليبه الملتوية؛ منها زعمه أنَّه لم يتَحقَّق فيه شرط