(الهدَّام) -فيه-: "ولا يصلُح للمتابعة" -مع أنَّه لا سَلَفَ له فيه- مردودٌ، فإِنَّ مِن المقرَّرِ عند العلماء، أن الراويَ الصدوقَ الضعيفَ في حفظه يُستشهد به، ويصلح للمتابعة.
ولعلّه مِن أجل ذا: جوّد سَنَدَ هذا الحديثِ -نفسه- في "تلخيص العِلَل المتناهية"(٥٨١)، والحمدُ للَّه.
وهذا أَبُو حاتمٍ الرّازيُّ -المعروفُ بتشدُّده في الجرح- يقولُ في (قيس) هذا:
"محلُّه الصدق، وليس بقوي، يكتب حديثه، ولا يُحتجُّ به، وهو أحبّ إلي من محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى".
قلت: فلم يُضَعِّفه جدًا؛ بل أشار إلى الاستشهادِ به بقوله:"يُكتب حديثه"؛ وهذا مما لا يفهمه (الهدَّام)؛ لجهله بمقاصد أقوال الأئمة.
وقد أشار إلى ذلك ابنُ القَيِّم -فيما يأتي-؛ فانظر الحديث نفسه رقم (١٢٤).
وأمّا ابنُ عدي، فقد حَسَّن حديثه، فقال في آخر ترجمته من "الكامل" -بعدما ساق قصّة ابنه-:
"عامّة رواياته مستقيمة، وقد حَدَّث عن شُعبة، وعن ابن عُيينة -وغيرهما-، ويدلّ ذلك على أنَّه صاحبُ حَدِيث، والقولُ فيه ما قاله شعبةُ، وأنَّه لا بأس به".
قلت: فلا غرابةَ -بعد هذا- أن يُحَسِّن التِّرمذي حديثَه هذا، ولا سيّما وقد اقترن معه شَريك بن عبد اللَّه القاضي -وقد استشهد به مسلمٌ-، وأن يُصحِّحه الحاكم، والذهبي، وأن يحتجَّ به العلماء دون خلافٍ معروفٍ بينهم،