الطريق الأولي، و (عبد الرحيم) و (سهل) في الطريق الآخرى:
"فيه ضعف"!
قلت: وهذا من مكرهِ وخباثتهِ التي جرى عليها في تضعيف الأحاديث الصحيحة، فقد ذكرنا مرارًا وتكرارًا أنَّ كل حديثٍ حسنِ الإسناد؛ لم يكُن حسنًا إلّا لأنَّ فيه ضعفًا، وإلّا لكان صحيحًا، وهذه طبيعةُ الأحاديث التي يُحسِّنها (الهدَّام) -على قِلَّتها- فإِذن؛ هو بقوله في كلِّ واحد من هؤلاء الرواة:"فيه ضعفٌ"؛ إنَّما يفيد أنَّه حسنُ الحديث! لو كان يدري ما يقول!! ثم هو لا يدري الفرقَ بين رواية عبد الرحيم عن سهل، ورواية زَبَّان عنه، وقد قال الحافظُ في "التقريب" في ترجمة (سهل بن مُعاذ): "لا بأس به" إلّا في رواية زَبّان عنه".
و (الهدَّام) خَلَطَ بين الروايتين عن سهل، ولم يُفَرّق بينهما؛ لجهله بأحوال الرواة، واختصاص أحدهم بالشيخ دون الآخرين!
ثم إنَّ (الهدَّام) لم يكتفي بقوله المتقدّم في (القاسم بن عبد الرحمن)، بل زاد، فقال:
"وبعضُهم لا يُثبت له سماعًا من أبي أمامة"!
قلت: وهذا (البعضُ) لا وجودَ له إلّا في ذهن (الهدَّام)، ولعلّه يعني نفسَه، وليس ذلك ببعيد عن جاهِلٍ مَغْرُورٍ اعتاد المكابرةَ وجحدَ الحقائق؛ فإِنَّ الأئمة قد أجمعوا على إثبات سماعه منه، ومنهم البخاري في "التاريخ".
بل قال الذهبي في "الكاشف" -بعد أن ذكر روايتَه عن معاوية، وعمرو ابن عَبَسة-: "وقيل: لم يسمع من صحابيٍّ سوى أبي أُمامة".
وقد جزم بسماعه منه كلُّ من ترجم له؛ كالمِزي والعسقلاني -وغيرهم-؛ وله في "المسند" (٥/ ٢٦٤) و"الرُّوياني" (ق ٢٠٠/ ٢)، و"كبير الطبراني"