معروف عند الحاضرين، إلى غير ذلك من الأسباب التي تختلف باختلاف الظروف المحيطة بالرواة، وإنَّ مما يؤيِّد هذا هنا ما رواه الإمام الطبري بالسند الصحيح - جداً - عن عبد الرحمن بن مهدي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية:
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} , قال:"إذا دخل أهل الجنّة الجنة ... "
الحديث، نحو حديث حمّاد بن سلمة، وفيه:" ... فوالله ما أعطاهم شيئاً أحَبَّ إليهم من النظر إليه".
فهل يقولُ عالمٌ: أخطأ ابن مهدي في رفعه - وبهذا التمام - مخالفاً لروايته المتقدمة المختصرة الموقوفة؟ !
ومن هذا القبيل ما رواه البيهقي في "الأسماء"(ص ٣٠٧) من طريق قَبِيصة بن عُقبة أبي عامر: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب - مرفوعاً - في قوله - عزَّ وجلَّ -: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}، قال:"النظر إلى وجه ربّنا - عزّ وجلَّ -".
فهذا - كما ترى - قطعة من حديث حمّاد بن سلمة المرفوع، فهل يقال: أخطأ قَبيصة على حمّاد؟ أو: أخطأ حماد على ثابت؟ ! كلاّ ثم كلاّ، وقد عرفتَ السبب فيما قدّمنا.
وإذا عرفتَ هذا؛ فالحقُّ أنَّ كل هذه الروايات - من أولئك الثقات - الدائرةِ على ثابت، كلّها ثابتة صحيحة عنه، فالاختلاف الذي بينها ليسَ اختلافَ تعارضٍ، وإنّما اختلاف تنوعّ، وقد يكون ذلك من ثابت نفسه، فحفظ كلٌّ منهم ما سمع منه، وقد يكون منهم أنفسهم، وهذا أرجحُ عندي؛ لما تقدم بيانه.
وسواء كان هذا أو ذاك؛ فرواية حمّاد بن سلمة عنه صحيحة؛ لما معه من الزيادة سنداً ومتناً، ولأنَّه أثبتهم عن ثابت - كما تقدم عن الحفّاظ -.