للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت. جزم ابن القيم بنسبته إلى النبي -صلي الله عليه وسلم-؛ وهو مما لا خلاف فيه بين الحُفَّاظ، وأمّا (الهدَّام) فقد أعلّه لجهله بهذا العلم وتجاهله لعلمائه، فقد خَرَّجه من رواية ثلاثة عشر حافظًا، وما ضعّفه أحدٌ منهم، بل منهم جماعة من ملتزمي الصحة؛ كابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، ومنهم من صَرَّح بتقويته -كالترمذي؛ فإنَّه حَسَّنَه-، وأقَرَّه النووي في "الأذكار"، والحافظ المزي في "التهذيب"، وصححه الحاكم، والذهبي، والنووي في "شرح المهذب"، والحافظ العسقلاني في "نتايح الأفكار" (١/ ٢١٦)، ونقل في "بلوغ المرام" تصحيحه عن أبي حاتم الرازي، وأخيرًا: أحمد شاكر في "التعليق على سنن الترمذي" (١/ ١٢/ ٧)، وغيرهم.

أقول: مع كُلِّ هذه الجمهرةْ من المصحِّحين؛ فقد خالفهم (الهدَّام)؛ قائلًا عقب التخريج:

"وهذا إسناد فيه ضعف، فإِنَّ يوسف بن أبي بُردة مجهول الحال، وتوثيق ابن حبّان والعجلي له ليس بشيء، لأنَّ ذلك من قاعدتهما المعروفة" (١). والجواب من وجوه:

الأوّل: أنَّ التعليل المذكور ليس على إطلاقه، فكثيرًا ما رأينا الحُفَّاظ النُّقَّاد من المتأخرين يوثقون من تفرد بتوثيقه ابن حبان؛ كالإمام الذهبي، والحافظ العسقلاني، وما أظن أنَّ الغرور وصل بك إلى أن تدَّعي أنَّك أعلم منهم! أو أنْ تحشرهم في زمرة المتساهلين! !


(١) قلت: هكذا يقول هنا! وفي أحاديث أخرى يُمَشِّي مَن هذا حاله ويحسِّنه، كما فعل (١/ ٧٧) بحديث كعب بن مالك، فإِنَّه من رواية ابنه (معبد)، ولم يوثقه غير ابن حبان، والعجلي!
ومن مكره وتدليسه؛ أنَّه يحسّن ويمشّي، ولا يبيِّن سبب التحسين وعدم ارتقائه إلى مرتبة الصحيح، سترًا لِـ (اللامنهجية)!

<<  <   >  >>