ثالثًا: عزا الفاضل المشار إليه -في هذا الموضع من حاشية كتابه - إلى "فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية" (١٨/ ٢٨٦ - ٢٨٧) مُشيرًا إليه بقوله: "مهمّ"! فأقول: نعم؛ هو مهمّ؛ ومن أهمِّه قولُه -رحمه اللَّه -: "فإن حديث ابن مسعود لم يَخُصَّ النكاح، وإنما هي خُطبة لكل حاجة في مخاطبة العباد بعضهم بعضًا ... ". فما قيمةُ تعجُّب الفاضلِ المذكور من كون أصحاب "السنن" رَوَوْا خُطبةَ الحاجةِ في كتاب "النكاح"؟ ! وكذلك الأمرُ في قوله في آخر بحثه: "بهذا التقرير تعلم فقهَ أصحاب "السنن" -رحمهم اللَّه تعالى - في ترجمة خُطبة الحاجة في "كتاب النكاح"، وتقرير العلماء بمشروعيتها بين يدي عَقْد الزواج"! ! ومن عظيم تقدير المولى -سُبحانه- أنْ تَرِدَ (خُطبة الحاجة) في مجلد "الفتاوى" -الذي عزا إليه الفاضلُ المذكورُ! - في مقدمة رسالتين لشيخ الإسلام -رحمه اللَّه- (١٨/ ٧٦، ٢١٠) بخلافِ ذاك الموضعِ الذي أشار هو إليه -حاثًّا عليه-، والذي تكلَّم فيه تفصيلًا عن هذه الخُطبة النبوية المباركة؛ هذا فضلًا عن بقية المجلدات -منه-، أو كتبه الأخرى، ومثلُهُ تلميذُهُ الإمامُ ابن قيم الجوزية -رحمه الله- ... فهلاّ كان هذان الإمامانِ قدوةً لهذا الفاضل، فيتأسَّى بهما -ولو مرةً -، فيفتتح كتابًا له بخطبة الحاجة؟ ! رابعًا: ممَّا يؤكد عمومَ مشروعيتها بين يدي كل عملٍ صالحِ حديثُ ابن عباس -الذي رواه مسلم في قصَّة قدوم ضِمَادٍ مكةَ، وفيه ذكر النبي -صلي الله عليه وسلم- له هذه الَخطبةَ المباركةَ، وأنَّ ضمَادًا أسلم بعد سماعها؛ فلم يكُن ثمّةَ نكاحٌ، ولاعقدُ زواجٍ! ! خامسًا: وكأنَّ شيخ الإسلام -رحمه اللَّه - يُشيرُ في بعض كلامه إلى وقوع إهمالٍ في هذه الخطبة -كما أشرت إليه -، فقال -رحمه اللَّه-: "ولهذا استُحِبَّت، وفُعلت في مخاطبة الناس بالعلم عمومًا وخصوصاً؛ من تعليم الكتاب والسُّنَّة، والفقه في ذلك، وموعظة الناس، ومجادلتهم أن يُفتتح بهذه الخطبة الشرعية النبوية. وكان الذي عليه شيوخُ زماننا الذين أدركناهم، وأخذنا عنهم وغيرهم يفتتحون مجالس التفسير، أو الفقه في الجوامع والمدارس وغيرها بخطبة أخرى ... ".=