"عَفَّان على ثقته وجلاله وقدره له أوهام، ولا يقوى أمام من ذكرنا ممن رواه عن شعبة".
قلت: هذا ليس دليلًا على وهمه إلاّ عند الغريق الهالك في الأوهام، المخالف لأقوال الأئمة الأعلام، فهذا أبو حاتم -المعروفُ بتشدُّدِه في التعديل- يقول:
"عَفَّان إمام ثقة متقن متين".
وقيل لأحمد: مَنْ تابع عَفَّانَ على حديث كذا وكذا؟ فقال:
"وعفّان يحتاج إلى أن يتابعه أحد؟ ! ".
ولقد بالغ أئمّة الجرح والتعديل في الثناء على حفظه -وتفضيله على الآخرين من أمثاله من الحُفّاظ -؛ بما يندر أن يُقال في غيره، فقالوا فيه:"عفان أثبت من يحيى بن سعيد القطان، ومن عبد الرحمن بن مهدي".
ولقد نبّه مَرّة يحيى بنَ معين على خطإ له في حديث، فقال:"هو كما قال عَفّان، ولقد سألت الله أن لايكون عندي على خلاف ما قال عفان"، إلى غير ذلك من أقوالهم الدّالة على حماقة هذا (الهدَّام) الطاعن في حفظ هذا الإمام.
حتى قال الذهبي في ترجمته في "السير"(١٠/ ٢٥٠) - بعد أن ساق ثناء الأئمة عليه-:
"قلت: ما فوق عفان أَحدٌ في الثقة".
ومع ذلك كله، فقد تابع شعبةَ جماعةٌ من الثقات:
أولًا: الأعمش، مع ثلاثة آخرين سماهم (الهدَّام)، والمقصود منهم الأعمش خاصة، لأنني أعتقد أنَّه يجهل أنّه سمع أيضًا من أبي إسحاق قبل