للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفعل عليه فقلت: زيد قد فعل وأنا فعلت، وأنت فعلت اقتضى ذلك أن يكون القصد إلى الفاعل، إلا أن المعنى ينقسم قسمين:

أحدهما: واضح جلى وهو: أن يكون الفعل قد أردت أن تنص فيه على واحد فتجعله له، وتزعم أنه فاعله دون واحد آخر، أو دون كل أحد، ومثال ذلك: أنا كتبت في معنى فلان، وأنا شفعت في بابه ترد بذلك على من زعم أن ذلك كان من غيرك، أو أن غيرك قد كتبت فيه كما كتبت ومن البين في ذلك: قولهم في المثل: "أتعلمني بحب أن حرشته؟ ).

وثانيهما: ما يقصد به تكيد الحكم، وتقويته وتقرره في ذهن السامع وتمكنه منه كقولك: (هو يعطي الجزيل) و (هو يحب الثناء) لا تريد أن تزعم أنه ليس ههنا من يعطي الجزيل ويجب الثناء غيره ولا أن تعرض بإنسان ولكنك تريد أن تحقق على السامع أن إعطاء الجزيل وحب الثناء علبة، وأن تمكن ذلك في نفسه، ومثاله (١) في الشعر قول المعذل ابن عبد الله الليثي من شعراء الحماسة:

هم يفرشون اللبد كل طمرة ... وأجرد سباح يبذ المغالبا

فالشاعر لم يرد أن يدعي تفردهم بهذه الصفة، وأنها ليست لغيرهم كما أنه لم يرد أن يعرض يقوم آخرين، فينفي أنهم أصحابها، وإنما أراد: أنهم فرسان، يمتهدون صهوات الخيل، ويقتعدون الجياد منها


(١) دلائل الإعجاز صـ ٨٦.