للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن أردت أعجب من ذلك، فأنظر إلى قوله:

سألت عليه شعاب الحي حين دعا ... أنصاره بوجوه كالدنانير

"فإنك ترى هذه الاستعارة - على لطفها وغرابتها - إنما ثم لها الحسن وأنتهى إلى حيث انتهى بما توخي في وضع الكلام من التقديم والتأخير، وتجدها قد ملحت ولطفت بمعاونة ذلك وموازنته لها، وأن شككت فاعمد إلى الجارين والظرف، فأزل كلا منها عن مكانه الذي وضعه الشاعر فيه فقل: سألت شعاب الحي بوجوه كالدنانير على حين دعا أنصاره، ثم أنظر كيف يكون الحال، وكيف يذهب الحسن والطلاوة، وكيف تعدم أريحيتك التي كانت، وكيف تذهب النشوة التي كنت تجدها (١).

[الثالث: النمط الأدنى]

وهو ذلك القول الذي لا يحتاج في نظمه إلى فكر أو روية، بل ترى سبيله سبيل من يعمد إلى لآلئ فينظمها في سلك حتى يمنعها من التفرق والتبدد، وكذلك إذا كان المعنى لا يحتاج في نظمه إلى أكثر من أن تعطف لفظاً على مثله، كما في قول الجاحظ (من خطبة كتاب الحيوان).


(١) الدلائل صـ ٦٨، صـ ٦٩.