للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تذكره بوجه من الوجوه، كقولك: رأيت أسداً).

وثانيهما: أن تجعل ذلك كالأمر الذي يحتاج إلى أن تعمل في إثباته وتزجيته، وذلك حيث تجرى اسم المشبه به صراحة على المشبه، فتقول (زيد أسد) و (زيد هو الأسد) أو تجيء به على وجه يرجع إلى هذا، كقولك: أن لقيته لقيت به أسداً وأن لقيته ليلقينك منه الأسد، فأنت في هذا كله تعمل في إثبات كونه أسداً أو الأسد وتضع كلامك له.

وأما الأول فتخرجه مخرج ما لا يحتاج فيه إلى إثبات وتقرير.

والقياس يقتضى أن يقال في هذا الضرب، أعني ما تعمل في إثباته وتزجيته: أن تشبيه على حد المبالغة، ويقتصر على هذا القدر، ولا يسمى استعارة (١).

وأما التمثيل: وهو الذي يكون مجازاً لمجيئك قبه على حد الاستعارة، فمثاله "قولك للرجل يتردد في الشيء بين فعله وتركه: (أراك تقدم رجلا ًوتؤخر أخرى) (٢) والأصل في هذا: أراك في ترددك كمن يقدم رجلاً ويؤخر أخرى، ثم اختصر الكلام وجعل كأنه يقدم الرجل ويؤخرها على الحقيقة، كما كان الأصل في قولك: رأيت أسداً: (رأيت رجلاً كالأسد) ثم جعل كأنه الأسد على الحقيقة.

وكذلك تقول للرجل يعمل غير معمل: (أراك تنتفخ في غير فحم) - و (تخط على الماء) فتجد ظاهر الأمر كأنه ينفخ ويخط والمعنى


(١) دلائل الإعجاز صـ ٤٤، ٤٦.
(٢) مجمع الأمثال للميداني صـ ٤٢٨.