للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخضرتها: كناية عن سواد دروعها، لأن العرب تسمي الضارب إلى السواد أخضر، وحمر النصال: كناية عن قتل الأعداء بها، وقوله: بيض الوجوه كناية عن كرمهم، وما بعده كناية عن شجاعتهم.

وأما تدبيج التورية: فكقول الحريري: "قد أزور المحبوب الأصفر، وأغبر العيش الأخضر، وأسود يومي الأبيض وابيض فودي الأسود حتى رثي لي العدو الأزرق، فيا حبذا الموت الأحمر".

ففي قوله: "أزور المحبوب الأصفر" تورية بالذهب.

هذا: ويلحق بالطباق أمران:

أولهما: أن يجمع بين معنيين لا يتنافيان في ذاتهما، ولكن يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر بسببه، أو لزومه، أو نحوهما: نحو قول الله تعالى: "أشداء على الكفار رحماء بينهم" وذلك لأن الشدة لا تقابل الرحمة وإنما تقال اللين الذي هو سبب في الرحمة.

ومنه قول الله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِي وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} وذلك لأن السكون لا يقابل ابتغاء الفضل، وإنما يقابل الحركة اللازمة لابتغاء الفضل، وقد عدل عن لفظ الحركة، لأن الحركة نوعان: حركة لمصلحة، وحركة لمفسدة، وقد قصدت الحركة الأولى، ولم تقصد الثانية.