لا تجد سلطان المزية يعظم في شيء كعظمة فيه، ولا يجعل حسنها عرضياً، بل جعله حسناً ذاتياً، لأن الجناس والسجع وغيرهما مما يظن أن الحسن فيه راجع إلى اللفظ، كل ذلك حسنه راجع إلى المعنى، لأنه لا يحسن إلا غذا كان المعنى هو الذي قد طلبه.
فالبديع عند عبد القاهر الجرجاني إنما هو في أكرم مكان من البلاغة وأرفعه.
[البديع في نظر السكاكي]
لم يعرض السكاكي لألوان البديع على أنها عدم "مستفل" عن علمي كالمعاني والبيان، بل عرض لها على أنها تشارك مسائل العلمين في تزيين الكلام بأبهى الحلل والوصول به إلى أعلى درجات التحسين.
على أنه لم يشر إلى أن هناك فرقاً بين هذه الألوان وبين غيرها من مباحث هذين العلمي، بل أنه ليذكر ضمن هذه الألوان: الالتفات، والإيجاز والأطناب، وينبه القارئ إلى أنها قد سلفت في علم المعاني.
على أن صنيع السكاكي بوضعه فنون البديع في هذا الموضع الذي - أشرنا إليه، له ما يبرره عنده؟
ذلك لأنه عندما عرف علم المعاني بأنه "تتبع خواص تراكيب الكلام