للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[بلاغة الجناس]

في أثناء احتجاج عبد القاهر الجرجاني للمعنى على اللفظ - في أول أسرار البلاغة - ذكر أن هناك أقساماً قد يتوهم في بدء الفكرة، وقبل إتمام العبرة أن الحسن والقبح فيها لا يتعدى اللفظ والجرس إلى ما يناجى فيه العقل النفسي، ولكنها إذا حققت النظر، وأمعنت الفكر ترجع إلى هذا الذي يناجى فيه العقل النفسي ثم بين أن من هذه الأقسام التجنيس والحشو.

أما التجنيس: فقد كشف النقاب عن سر إعجابك به قائلاً: "أما التجنيس فإنك لا تستحسن اللفظتين إلا إذا كان موقع معنييهما من العقل حميداً، ولم يكن مرمى الجامع بينهما مرمى بعيداً، أتراك استضعفت تجنيس أبي تمام في قوله - من قصيدة يمدح بها الحسن بن وهب -:

ذهبت بمذهب السماحة فالتوت ... فيه الظنون: أمذهب أم مذهب؟

واستحسنت تجنيس القائل "حتى نجا من خوفه وما نجا"، وقول المحدث:

ناظراه فيما جنى ناظراه ... أو دعاني أمت بما أودعاني!

لأمر يرجع إلى اللفظ علم لأنك رأيت الفائدة ضعفت عن الأول وقويت في الثاني ورأيتك لم يزدك بمذهب ومذهب على أن أسمعك حروفاً مكررة