للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((منزلة البيع من البلاغة))

عرفت مما أسلفنا لك: أن البديع - في أصل تسميته - لم يكن هو المحسن، وإنما كان الجديد المحدث المخترع، وأنه إنما سمى بذلك لأن الشعراء المجددين أغرسوا بالأبيات التي تحمله، فاتبعوها ونسجوا على منوالها.

وقد عرفت أيضاً، أن أول من ألت في البديع وهو ابن المعتز قد جمع هذه الفنون التي شملت ما هو محسن في نظر المتأخرين، وما هو من صميم علمي المعاني والبيان كما أن غيره من ألفوا في البلاغة قد جمعوا هذه الفنون على أنها هي البلاغة نفسها، والتي أرجعوا إليها مزية البلاغة -كالرماني - أو ارجعوا إليها مزية البلاغة، والحسن جميعاً كأبي هلال العسكري، وابن رشيق القيرواني.

ولهذا، فإنه ليس بمعقول أن ينحي البديع عن البلاغة -كما فعل الخطيب القزويني، إذا جعله تابعاً لعلمي المعاني والبيان، لا يقصد لذاته، ولا يؤم لنفسه - ولهذا - أيضاً - فإنك سترى عبد القاهر الجرجاني، يضع البديع في موضعه الصحيح من البلاغة، فلا يفرده عنها، ولا يجعل حسنه تابعاً، وإنما يجعل هذا الحسن من صميم العنى: