للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستمع أنت إلى عبد القاهر الجرجاني - وهو يفرق بينهما تفريقاً لا يكاد يخرج عما نقول -: (وهكذا تراه في العرف والمعقول لا يمكنك أن تفرق بينهما، ولو رأيت هذا بعد أن رأيت ذاك لم تعلم شيئاً غير الأول حتى تستدل بأمر خارج عن الصورة، ومعلوم" " أن هذه القضية إنما توجد على الإطلاق والوجود الحقيقي في الضرب الأول، وأما الضرب الثاني قائماً يجيء فيه على سبيل التقدير والتنزيل .. فالمتشابهات المتأولة التي يتنزعها العقل من الشيء للشيء لا تكون في حد المشابهات الأصلية الظاهرة بل الشبه العقلي كاد الشيء به يكون شبيهاً بالمشبه به".

وهكذا تجد أن سر التفريق بين التشبيه والتمثيل يكمن في أن المعنيين - من حيث اللغة - مختلفان، على النحو الذي أسلفناه لك، ولهذا بدا عبد القاهر الجرجاني حديثه عن التشبيه والتمثيل بالتفريق بينهما، وكان سبيله إلى هذا التفريق: أن جعل التشبيه ضربين:

أما الضرب الأول: فهو: تشبيه الشيء بالشيء من جهة أمر بين لا يحتاج فيه إلى تأول، وذلك بأن تشبيه الشيء بالشيء في الصورة والشكل، أو في اللون، أو في الصورة واللون أو في الهيئة، ويدخل في الهيئة: حال الحركات في أجسامها،