للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التقديم والتأخير]

يرى عبد القاهر الجرجاني: أنه باب كثير الفوائد، جم المحاسن واسع التصرف بعيد الغاية، لا يزال يفتر لك عن بديعة ويفضى بك إلى لطيفة، ولا تزال ترى شعراً يروقك مسمعه، ويلطف لديك موقعه، ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدم فيه شيء وحول اللفظ عن مكان إلى مكان، غير أنه لم يجد أحداً قد اعتمد فيه شيئاً يجرى مجرى الأصل غير العناية والاهتمام، فقد ظنوا أنه يكفي أن يقال في كل شيء قدم في موضع من الكلام أنه قدم للعناية، ولأن ذكره أهم، من غير أن يذكروا من أين كانت تلك العناية ولم كان أهم؟ ولهذا صغر أم التقديم والتأخير في نفوسهم، وهونوا الخطب فيه.

كما أنه من الخطأ أيضاً - أن يقسم الأمر في تقديم الشيء وتأخيره قسمين فيجعل مفيداً في بعض الكلام، وغير مفيد في البعض الآخر، وأن يعمل تارة بالعناية، وتارة أخرى بأنه توسعة على الشاعر والكاتب حتى تطرد لهذا قوافيه، ولذلك سجعه.

ذلك لأنه من البعيد أن يكون في جملة، النظم ما يدل تارة ولا يدل تارة أخرى.

وقد مضى الأمام عبد القاهر الجرجاني على هدي من هذه الأسس في بحثه لمسائل التقديم والتأخير: