للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولاً: لا تفاضل بين كلمة وأخرى في الدلالة على المعنى قبل دخلوهما في نظم الكلام:

فإذا ما رأيتهم قد وصفوا اللفظ بالفصاحة والبلاغة والبراعة وما شاكلها مما يعبر عن فضل بعض القائلين على بعض، وينسب فيه الفضل والمزية إلى اللفظ دون المعنى، فليس ذلك إلا وصفاً للكلام بحسن الدلالة وتمامها فيما كانت له دلالة، ثم تبرجها في صورة إيهي وأزين وآنق وأعجب، وأحق بأن تستولى على النفوس، وتأخذ بمجامع القلوب، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن يؤتي المعنى من جبهته التي هي أصح لتأديته، ويختار له اللفظ الذي هو أخص به، وأكشف عنه، وأحرى بأن يكسبه النيل، ويظهر فيه المزية.

ولهذا فإنه يجب أن ينظر إلى الكلمة قبل دخولها في التأليف وقبل أن تصير إلى الصورة التي بها يكون الكلام خبراً أو إنشاء وتؤدي في الجملة معنى من المعاني التي لا سبيل إلى إفادتها إلا بضم كلمة، وبناء لفظه على أخرى:

فإنه لا يتصور أن يكون للفظتين تفاضل في الدلالة - قبل دخولهما في التأليف - بأن تكون كلمة أدل على معناها الذي وضعت له من صاحبتها على ما وسمت به، كان يقال: أن رجلاً - مثلاً - أدل على معناه من فرس على ما سمى به.