للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبأن يتصور في الاسمين الموضوعين لشيء واحد أن يكون احدهما أحسن نبأ عنه، وأبين كشفاً عن صورته من الآخر كما أنه لا يقع في وهم أن تتفاضل الكلمتان المفردتان من غير أن ينظر إلى مكان تقمان فيه من التأليف والنظم بأكثر من أن تكون إحداهما مألوفة مستعملة والأخرى غريبة، أو أن تكون هذه أخف نطقاً من تلك.

ولهذا فإنك لا تجد أحداً يقول: هذه اللفظة فصيحة، إلا وهو يعتبر مكانها من النظم وحسن ملاءمة معناها لمعاني جارتها وفضل موانستها لأخواتها.

وما رأيتهم قالوا في لفظة: أنها متمكنة ومقبولة وفي الأخرى: أنها قلقة نابية إلا لأنهم أرادوا أن يعبروا بالتمكن عن حسن الاتفاق لبين هذه وتلك من حيث معناها، وبالقلق والتنبؤ عن سوء التلاؤم، وأن الأولى لم تكن لائقة بالثانية في معناها، وأن السابقة لم تجيء مناسبة للتالية في يوادها.

فلا تفاضل بين كلمة أخرى في الدلالة على المعنى قبل دخولهما في التأليف، ولهذا فإن الألفاظ لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة ولا من حيث هي كلم مفردة، وإنما تثبت لها الفضيلة والمزية إذا لاءمت معانيها معاني التي تليها.

والدليل على ذلك: أنك ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع، ثم تراها بعيناها تثقل عليك وتوحشك في موضع آخر.