للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على المال.

[بلاغة العكس والتبديل]

في قول الله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} وقد وقع العكس بين متعلقي فعلين في جملتين، فقد تعلق الفعل في الأول بالحي الخارج من الميت، كالإنسان يخرج من النطفة - كما يقولون - وتعلق الفعل في الثانية بالميت الخارج من الحي، كالبيضة التي تخرج من الدجاجة - كما يقولون - وقد تقدم الحي على الميت في التعلق الأول، ثم عكس في الثاني.

وإذا كان الغرض من هذه الآية تصوير مظهرين من مظاهر القدرة التي تفوق جميع القدر، وكان إخراج الحي من الميت أشهر في القدرة وأدل على سعة السلطان من عكسه، وهو إخراج الميت من الحي، كان الأول جديراً بالتصوير ثم يتلوه الثاني، وبدون هذا ينعكس الغرض ولا يتم المراد.

ولهذا كان أسلوب العكس من البلاغة في الصميم، لأنه مما يقتضيه المقام (١).


(١) الصبغ البديعي ص ٤٧٧.