للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعل سر إعجابه بهذا المطلع راجع إلى طرافته وجدته، فقد فاجأ السامع بما لم يكن متوقعاً منه ومن غيره من الشعراء، فقد كان النسيب في قصائد المدح أمراً أجرى عليه العرف، واستساغته النفوس، ولكنه بدأ قصيدته هذه المرة ساخراً من أولئك الشعراء الذين يدعون الحب والصبابة كلما مدحوا أحداً، والسخرية من الشعراء الذين يبدأون - قصائدهم في المدح بالنسيب - وإن كان أبو نواس قد سبق إليها - إلا أن سخريته كانت منصبة على حياة العرب الاجتماعية قاصداً تحقيرهم، والنيل من مكانتهم، فهناك فرق بين اتجاه أبي نواس، واتجاه أبي الطيب.

[قبح الابتداء]

ينبغي أن يتجنب الشاعر في مديحه كل ما يتطير منه حتى لا يتشاءم منه الممدوح أو بعض الحاضرين، : وذلك كمطلع قصيدة أبي نواسن يهنئ بها بعض بني برمك بدار بذل في تجمليها كل ما يملك من الجهد، إذ بدأها أبو نواس بقوله:

أربع البلى؛ إن الخشوع لباد ... عليك وإني لم أخنك ودادي.

فتطير منها البرمكي وأشمأز حتى ظهر الوجوم عليه (١).


(١) العمدة ص ١٥٠٠.