للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس للألفاظ في هذا موضع من المواضع يحسب لها"

على أن من هؤلاء النقاد المحدثين من يرى أن عبد القاهر قد تأثر بآراء كثير من سابقيه وحذا حذوهم في الاعتداد بالصياغة وأنها نظير التصوير والنقش وأن جل أفكاره كانت دائرة حول هذه الصياغة وأنه أفاد أفادة كبيرة من أنصار أصحاب اللفظ وترجيحه على المعنى ولكنه قد تجلت أصالته بعد ذلك في ثورته على معاصريه ممن اشتطوا في نصرة اللفظ حتى غفلوا به عن الغاية وممن اعتدوا بما يروقهم من معنى أو من حسن مجازي في الألفاظ مغفلين أمر الصورة الأدبية، وكان لعبد القاهر فضل لا يدانيه فيه ناقد عربي في توثيق الصلة بين الصياغة والمعنى وفي الاعتداد في ذلك بالألفاظ من حيث دلالتها وموقعها مجازية كانت أو حقيقية، وبيان تأثيرها في تأليف الصورة الأدبية، وبالرغم من أن عبد القاهر قد ثار على اعتبار الألفاظ من حيث هي ألفاظ لم يدانه ناقد عربي في بيان قيمة الألفاظ وصلتها بعملية الفكر اللغوية، وتأثيرها في الصورة الأدبية (١).

ويمكننا أن نقول: أن عبد القاهر الجرجاني قد اهتم بصياغته الصورة الأدبية اهتماماً كبيراً، ولكنه في الوقت نفسه ينكر أن يكون للفظ وحده مزية في الإعجاز.

ثانياً: قيام علم المعاني على أساس نظرية النظم:

أخذ المتأخرون تعريف عبد القاهر لنظرية النظم، وهو "تتبع معاني


(١) النقد الأدبي الحديث محمد غنيمي هلال صـ ٢٨٦، ٢٨٧.