للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن أساليبهم تختلف باختلاف مهاراتهم في صياغة هذه المعاني، وفي التعبير عن أغراض ومقاصدهم، ومن ثم فإن النظم يختلف ويتفاوت باختلاف الصنعة والمهارة، والحذق وتفاوتها من أديب إلى آخر.

[ولهذا فإن عبد القاهر الجرجاني قد وجد أن النظم يتفاوت بتفاوت الصنعة فنوفه إلى هذه الأنماط]

[الأول: النمط العالي من النظم]

وهو ذلك النظم الذي تتحد فيه أجزاء الكلام، وتتماسك ويدخل بعضها في بعض، ويشتد ارتباط ثان منها بأول ويحتاج في الجملة إلى أن تضعها في النفس وصنعاً واحداً، وأن يكون حالك فيها حال الباني، يضع بيمينه ههنا في الوقت الذي يضع بيساره هناك وفي حال ما يبصر مكان ثالث ورابع يضعهما بعد الأولين.

وليس لهذا اللون من الكلام حصر، ولا قانون يحيط به، ولكنه يأتي على وجوه شتى منها:

المزاوجة بين معنيين في الشرط والجزاء، كقول البحتري:

إذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى ... أصاخت إلى الواشي فلج بها الهجر

وقوله أيضاً:

إذا احتربت يوماً ففاضت دماؤها ... تذكرت القربى ففاضت دموعها