للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا قدم المفعول فإن الإنكار يتجه إلى أن يوقع به مثل ذلك الفعل ولهذا قدم (غير) في قوله تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً} وقوله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ} وكان له من الحسن والمزية والفخامة ما تعلم أنه لا يكون لو أخر فقيل: أأتخذ غير الله ولياً؟ وأتدعون غير الله؟ وذلك لأنه قد حصل بالتقديم معنى قولك: أيكون غير الله بمثابة أن يتخذ ولياً وأن يرضى عاقل من نفسه أن يفعل ذلك، وأن يكون جهل أجهل، وعمى أعمى من ذلك؟ ولا يكون شيء من ذلك إذا قيل: أأتخذ غير الله ولياً؟ وذلك لأن الإنكار حينئذ يتناول الفعل أن يكون فقط، ولا يزيد على ذلك.

[(ب) التقديم في النفي]

إذا قلت (ما فعلت) كنت قد نفيت عنك فعلاً لم يثبت أنه مفعول، ولكنك إذا قلت (ما أنا فعلت) كنت قد نفيت عنك فعلا ًثبت أنه مفعول، ومنه قول أبي الطيب المتنبي:

وما أنا أسقمت جسمي به ... ولا أنا أضرمت في القلب ناراً

فالمعنى -كما لا يخفي أن السقم ثابت موجود، ولكنه ليس هو الجالب له.