للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه لو كان قد صرح بأي من الأمرين لما اختلف الناقلان عنه في فهمها لطبيعة المماثلة، ولما حاول عبد القاهر في رده على أبي أحمد أن يثبت أنها مبنية على التشبيه، لأن الاستعارة مبنية عليه - أيضاً - وإذا ما تذكرت الأصل الذي أسلفناه لك، وهو أن عبد القاهر الجرجاني قد تطور بنظرية البيان في كتابه (دلائل الإعجاز) لأن طبيعة المرحلة التي ألف فيها ((أسرار البلاغة)) كانت مغايرة لطبيعة المرحلة التي ألف فيها "دلائل الإعجاز"، لعلمت أن عبد القاهر قد صحح مفهومه عن الأمثال التي حاول في "الأسرار" أن يجعلها تشبيهاً محذوف الوجه والادادة".

وغذا ما تتبعت دراسته لهذا النحو من الكلام (يعني الأمثال) لرأيته - بعد أن ميز التشبيه البليغ من الاستعارة يسلكه في عقد الاستعارة بل أنه ليذكر نفس الأمثال التي ذكرت في الأسرا.

وإليك أولاً: ما قاله في التفريق بين التشبيه البليغ والاستعارة "وههنا يصل يجب ضبطه: وهو أن جعل المشبه به على ضربين:

احدهما: أن تنزله منزله الشيء تذكره بأمر قد ثبت له، فأنت لا تحتاج إلى أن تعمل في إثباته وتزجيته، وذلك حيث تسقط ذكر المشبه من الشيئين، ولا تذكره بوجه من الوجوه، كقولك: رأيت أسداً.

والثاني أن تجعل ذلك كالآمر الذي يحتاج إلى أن تعمل في إثباته وتزجيته، وذلك حيث تجري اسم المشبه به صراحة على المشبه، فتقول "زيد أسد" وزيد هو الأسد، أو تجيء على وجه يرجع إلى هذا كقولك أن لقتيه لقيت به أسداً، وأن لقيته ليلقينك منه الأسد، فأنت في هذا كله تعمل في إثبات كونه أسداً، أو كونه الأسد وتضع كلامك له.