للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((أما بعد فإني أراد تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، فاعتقد على أيهما شئت)) وكنحو ما كتب به الحجاج إلى المهلب: ((فإن فعلت ذاك وإلا أشرعت إليك الرمح)) فأجابه المهلب لا (فإن أشرع الأمير الرمح، قلبت إليه ظهر المجن .. ) ومن هذا الباب في القرآن ((وثيابك فطهر)) قال الأصمعي ((أراد البدن)). بينما نجد أبا هلال العسكري - في الصناعتين - يقول "وقال قدامه: من أمثله هذا الباب: قول الشاعر:

أوردنهم صدور العيس مسنفة ... والصبح بالكوكب الدري منحور

قال: قد أشار إلى الفجر إشارة ظريفة بغير لفظه وليس في هذا البيت إشارة إلى الفجر، بل قد صرح بذكر الصبح، وقال هو منحور بالكوكب الدري، أي صار في نحره، قم قال أبو هلال: ووضع هذا البيت في باب الاستعارة أولى منه في باب المماثلة (١).

فالباقلاني الذي اهتدى برسالة أبي أحمد، يذكر أن المماثلة ضرب من الاستعارة -كما رأيت وأبو الهلال العسكري الذي لا بد أن يكون قد أطلع على رسالة حاله، لأنه نقل منها فنوناً من البديع (٢) يشير إلى أن الاستعارة غير المماثلة.

ولهذا فإننا نرجح ألا يكون أبو أحمد قد صرح بأن المماثلة تغاير الاستعارة أو توافقها.


(١) الصناعتين صـ ٣٤٤، صـ ٣٤٥ (مطبعة محمد علي صبيح).
(٢) أنظر البلاغة تطور وتاريخ صـ ١٤٤ وأنظر الصناعتين صـ ٣٩١.