للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: أن الأصل في الاستثناء الاتصال، وذكر أداة الاستثناء قبل ذكر ما بعدها يوهم إخراج شيء مما قبلها، وأنه إثبات عيب، فإذا جاء المدح بعدها تأكد المدح الأول، لأنه إثبات مدح بعد مدح.

والثاني: أن هذا الخداع اللفظي الذي يأتي به الشاعر أو الأديب من إيهام الذم بذكره أداة الاستثناء، وتلك الخلابة التي يبعثها في أسلوبه بذلك الإيهام، مما ينبه السامع إلى الاهتمام بما يقوله، وينشط ذهنه لاستقبال المعاني التي يضمنها مدحه.

ولم يتضمن هذا الضرب الوجه الأول الذي أثبتناه للضرب الأول - وهو أنه كدعوى الشيء ببينة -، ولهذا كان الضرب الأول أفضل من الثاني وأبلغ منه.

والضرب الثالث: وهو أن يؤتى بمستثنى فيه معنى المدح معمول لفصل فيه معنى الذم، فيتفرغ للعمل فيه، ويكون الاستثناء مفرغاً، كما في قول الله تعالى: {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا}. وكقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}. أي ما تعيبون منا إلا أصل المناقب والمفاخر كلها وهو الإيمان بآيات الله، فالاستفهام في الآية للإنكار.

[١١) تأكيد الذم بما يشبه المدح]

هو أن يبالغ المتكلم في ذمه، فيعمد إلى الإتيان بعبارة يتوهم