للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا المثال وأن يكن من باب الاستعارة إلا أن الاستعارة مبنية على التشبيه.

على أن الذي هو أولى بأن يسمى تمثيلاً لبعده عن التشبيه الظاهر الصريح: هو ما تجده لا يحصل لك إلا من جملة الكلام، حتى أن التشبيه كلما كان أو غلى في كونه عقلياً محضاً كانت الحاجة إلى الجملة أكثر، كما في قوله تعالى: {مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}.

فقد كثرت فيه الجمل، وأنتزع الشبه من مجموعها من غير أن يمكن فصل بعضها من بعض، ولا حذف شيء منها، ولو حذفت منها جملة لأخل ذلك بالمغزى من التشبيه (١).

أما إذا لم ترتب الجمل هذا الترتيب الذي يضم بعضها إلى بعض فليست من هذا اللون من التمثيل، كما في قولك: هو كالأسد بأساً، والبحر جوداً، والسيف مضاء (٢).

مظاهر التمثيل: للتمثيل مظهران (٣):


(١) أسرار البلاغة صـ ٧٩.
(٢) أسرار البلاغة صـ ٨٠.
(٣) أسرار البلاغة صـ ٨٤.