للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد قابل في هذه الآية بين (تؤتى) و (تنزع) وبين (تعز) و (تذل)، ولما كان الغرض من هذه الآية الكريمة هو: تصوير القدرة في أوسع معانيها، وبيان السلطان في أشمل مظاهره وأكملها، فإن ذلك لا يتم إلا بالجمع بين الضدين، والحكم بأنه يقدر على الأمرين: الإيتاء أو ما في معناه، والنزع أو ما في معناه، وكذلك: الإعزاز والإذلال.

على أن ذكر المقابل لابد منه في صياغة مثل هذا الغرض، لأنه قد يقدر شخص على الإيتاء ولكنه لا يقدر على نزع، ويستطيع إنسان أن يعز، ولكنه قد يعجز عن الإذلال، ومع هذا فإنك لا تضن عليه بوصفه بالقدرة، ولكن المضنون به عليه هو الحكم له بالقدرة التامة والسلطان الشامل.

وبالإضافة إلى هذا فإن الطباق والمقابلة من الأمور الفطرية المركوزة في الطباع، والتي لهما علاقة وثيقة ببلاغة الكلام، فالضد أكثر خطوراً. بالبال عند ذكر ضده - كما يقولون -.

وقد أكمل الفخر الرازي - في نهاية الإيجاز - خطة عبد القاهر في "باب النظم الذي يتحد في الوضع" فأدرج - الطباق والمقابلة في هذا الباب، لأنهما من مقتضيات الأحوال، وموجبات الأغراض (١).


(١))) الصبع البديعي ص ٤٧١.