لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} فقد ختم الآية بقوله (الغني الحميد) ليبين بهذا أن ماله ليس لحاجة، وإنما هو غني عنه جواد به، فإذا ما جاد به حمده المنعم عليه.
ومن هذا الضرب قول الله تعالى:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
وذلك لأنه لما قال:(وإن تغفر لهم) أوهم ذلك أنه سيقول في الفاصلة (الغفور الرحيم) ولكنه بالتأمل والإمعان في الآية الكريمة نجد أنه يجب أن تكون الفاصلة هي (العزيز الحكيم) - كما في الآية الكريمة -، وذلك لأنه لا يغفر لمن يستحق العذاب إلا من ليس له فوقه أحد يود عليه حكمه فلابد أنه هو (العزيز) وذلك لأن العزيز في صفات الله تعالى: هو الغالب ولابد أن يوصف (بالحكيم) أيضاً - لأن الحكيم هو من يضع الشيء في محله، والله تعالى كذلك، غير أنه قد يخفى وجه الحكمة في بعض أفعاله فيتوهم الضعفاء أنه خارج عن الحكمة، فكان الوصف بقوله (الحكيم) احتراساً حسناًن وعلى هذا فإن المعنى: وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا معترض عليك لا حد في ذلك، والحكمة فيما فعلته.
ومما يلحق بمراعاة النظير: ما يسمى بإيهام التناسب: وهو: أن يجمع بين معنيين غير متناسبين بلفظين بكون لهما معنيان متناسبان ولكنهما غير مقصودين، كما في قوله تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥)