للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاء في حديث أبي ذر - في سبب أسلامه - أنه قال - قال لي أخي أنيس: أن لي حاجة إلى مكة، فأنطلق فراث فقلت: ما حبسك؟ قال: لقيت رجلاً يقول أن الله تعالى أرسله: فقلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر، ساحر، كاهن، قال أبا ذر: وكان أنيس أحد الشعراء فقال: تالله لقد وضعت قوله على أقراء الشعراء فلم يلتئم على لسان أحد، ولقد سمعت الكهنة فما هو بقولهم، والله أنه لصادق، وأنهم لكاذبون. (١)

والحق أن القرآن الكريم ليس شعراً، وليس سحراً، فقد أقسم الله تعالى للعوب في محكم كتابه قائلاً لهم: فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) ومَا لا تُبْصِرُونَ (٣٩) إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (٤٠) ومَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ (٤١) ولا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ" (٢)

ولما بحث العلماء مسألة الإعجاز القرآني، لم تغب عن أذهانهم فكرة النظم القرآني - على الرغم من أن منهم من ذهب إلى أن القرآن الكريم معجزة لتضمنه أخباراً غيبية، كالأخبار عن الأمم السابقة، وكالأخبار عما سيحدث في المستقبل ومنهم من ذهب إلى أن الله تعالى قد صرف العرب عن معارضة القرآن الكريم - وأن كانت في مقدورهم - ألا أن فكرة النظم هي التي انتصرت في النهاية كسر


(١) ثلاث رسائل في إعجاز القرآن الكريم صـ ١٢٤، صـ ١٢٥.
(٢) الحاقة (٣٨ - ٤٢) ..