للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما بال عينك منها الماء يسكب؟

وكانت عين عبد الملك تدمع دائماً، فتوهم أنه خاطبه، أو عرض به، فقال: وما سؤالك عن هذا؟ ومقته (١) وشبيه بهذا: ما يذكر من أن شاعراً يدعى: أبا مقاتل: افتتح قصيدة يمدح بها (الداعي) بقوله:

لا تقل بشرى، ولكن بشريان غرة الداعي ويوم المهرجان.

فانتبه الداعي، وقال له: هلا قلت: "إن تقل: بشرى فعندي بشريان (٢) ".

ومن ابتداءات أبي الطيب التي عيبت عليه قوله في مخاطبة كافور:

كفى بك داء: أن ترى الموت شافياً وحسب المنايا أن يكن أمانيا

قالوا: ففي الابتداء بذكر الداء والموت ما فيه من الطيرة اليت تنفر منها السوقة، فضلاً عن الملوك (٣) ونحن مع من قال: "إن هذا المطلع .. ". كان صادق التعبير إلى مدى بعيد عن نفسية المتنبي بعد هذا الأزمة التي مرت به بعد أن فارق مغضباً سيف الدولة، فقد رأى الحياة لا خير فيها، ووجد الموت شافياً له من آلامه (٤) ".


(١) العمدة جـ ١ ص ١٤٨.
(٢) الصناعتين ص ٤١٩.
(٣) يتيمة الدهر جـ ١ ص ١٢٣.
(٤) أسس النقد الادبي عند العرب ص ٣٠٢.