للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من القرآن الكريم، فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحولوا عن رأيهم الأول، وأن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه وصارت عداوته موالاة، وكفرهم إيماناً "وقصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه - خير شاهد على هذا. (١)

ولعلك لاحظت أن الخطابي قد ركز على أمرين لبيان أعجاز القرآن الكريم، وهما: النظم وتأثير القرآن في النفوس، وأن هذين الأمرين قد لاحظهما هو بدوره من وصف العرب للقرآن الكريم حين تحداهم - تارة بأنه شعر، لأنهم رأوه منظوماً (٢) - على حد تعبير الخطابي نفسه - وتارة بأنه سحر وذلك لتأثيره في نفوسهم تأثيراً لم يستطيعوا دفعه عنها.

ولعلك تلاحظ - أيضاً - أن هذين الأمرين هما اللذان أدار عليها عبد القاهر كتابيه: دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة، فقد أراد أولهما على نظرية النظم، وأدار الثاني على مدى تأثير صور البيان في النفوس ويمضي في نفس الطريق أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني المتوفى سنة ×××× وهو من المتكلمين على مذهب الأشاعرة - في كتابه "إعجاز القرآن"، فيرد على مطاعن الملاحدة على أسلوب القرآن الكريم، مبيناً أن الحاجة


(١) ثلاث رسائل صـ ٧٠، صـ ٧١.
(٢) ثلاث رسائل صـ ٢٨.