للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومما أورده في هذا المجال قول قيس بن سعد بن عبادة: "اللهم هب لي حمداً، هب لي مجداً، فلا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال". وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".

ثم قال: "فأنت لا تجد في جميع ما ذكرت لفظاً اجتلب من أجل السجع، وترك ما هو أحل بالمعنى منه وأبريه، وأهدى إلى مذهبه، ولذلك أنكر الأعرابي - حين شكا إلى عاملي الماء بقوله: (حلات (ص ٢٦٧) ركابي، وشققت ثيابي وضربت صحابي) فقال له العامل: وتسجع أيضاً؟ - إنكار السجع حتى قال: فكيف أقول؟ وذاك أنه لم يعلم أصلح لما أراد من هذه الألفاظ، ولم يره بالسجع مخلاً بمعنى أو محدثاً في الكلام أو تكرارها، أو خارجاً إلى تكلف، واستعمال لما ليس معتاد في فرضه. وقال الجاحظ: لأنه لو قال: حلأت أبلى أو جمال، أو نوقى، أو بعرائي، أو صرمتي، لكان لم يعبر عن خفي معناه، وإنما حلئت ركابه فكيت بدع الركاب إلى غير الركاب؟ وكذلك قوله: وشققت ثيابي، وضربت صحابي (١).

ويقول الدكتور احمد موسى - في الصبع البديعي -: "وإذ كانت للسجع فائدة ونكتة لا تقل عما ذكروه للجناس إذ أنه يخامر العقول


(١) أسرار البلاغة ص ٨، ص ٩.