للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللفظ إلا ما أدى إليه المعنى، ولا الكلام إلا ما صوره له الغرض ولا الحسن إلا ما أفاده البديع، ولا الرونق إلا ما كساه التصنيع" (١).

وهكذا يعتبر القاضي الجرجاني أن النقد الأدبي السليم هو الذي يوجه إلا سلامة النظم وحسن الترتيب، لا إلى مظاهر التزويق ومشاهد التنسيق، ولا إلى ألوان البديع المختلفة، من تجنيس وترصيع ومطابقة، وهو حريص كل الحرص على تأكيد هذا المعنى، مهتم كل الاهتمام بمحاولة إبرازها يدور بخلده عن النظم، ولكنه - كما قلنا لا يستطيع أن يبين أسباب جماله، وأسرار حسنه" وقد حملني حب الإفصاح عن هذا المعنى على تكرير القول فيه، وإعادة الذكر له ولو احتمل مقدار هذه الرسالة استقصاوه، واتسع حجمها للاستيفاء له، لاسترسلت فيه، ولا شرفت بك على معظمه" (٢).

ولكن الذي نريد أن نثبته هنا هو أن المعاني اللطيفة، والدقائق التي تنشأ عن نظم الكلام، هي تلك التي أدركها القاضي الجرجاني بقلبه، ولم يستطع الإفصاح عنها، والتي أدركها تلميذه عبد القاهر بقلبه، وبحث عنها فوجدها، وبين أسبابها.


(١) الوساطة صـ ٤١٣.
(٢) نفس المرجع.